قرأت في إحدى الملصقات أن على الإمام والمأموم عند
الانتهاء من الركوع أن يقولوا : ( سمع الله لمن حمده ) ثم بعد ذلك يقول
المأمومون : ( اللهم ربنا لك الحمد ) ، وهذا بخلاف ما نشأنا عليه ، أن
الإمام فقط هو الذي يقول : ( سمع الله لمن حمده ) فيرد المأمومون عند الرفع
من الركوع : ( اللهم ربنا لك الحمد ) . فأفتونا مأجورين .


الحمد لله
أولا :

التسميع ( وهو قول " سمع الله لمن حمده " ) عند الرفع من الركوع
والتحميد عند الاستواء قائما ( وهو قول " ربنا لك الحمد " ) سنة مستحبة عند جمهور
أهل العلم ، وذهب الحنابلة إلى وجوبها ، والصحيح القول بالوجوب .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (3/433) :


والدليل على ذلك ( يعني : الوجوب ) ما يلي :

أولا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك ، فلم يدع قول
( سمع الله لمن حمده ) في حال من الأحوال .

ثانيا : أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام .

ثالثا : قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال سمع الله لمن حمده
، فقولوا : ربنا ولك الحمد ) " انتهى .

وقد سبق ذكر التسميع والتحميد في واجبات الصلاة في سؤال رقم ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
.

ثانيا :

اتفق الفقهاء على أن المنفرد يجمع بين التسميع والتحميد ، فيقول
: ( سمع الله لمن حمده ) حين يرفع من الركوع ، فإذا استوى قائما قال : ( ربنا ولك
الحمد ) .

وقد نقل الاتفاق : الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/240) ، وابن
عبد البر في "الاستذكار" (2/178) .

وإن كان في "المغني" (1/548) ما يفيد أن هناك خلافاً في المسألة
.

ولكنهم اختلفوا في الإمام والمأموم ما الذي يشرع لكل منهما :


أما الإمام :

فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يُسَمِّعُ فقط ، ولا يسن له أن
يقول : ربنا لك الحمد .

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإمام يُسَمِّعُ ويَحمّد .


والراجح هو القول الثاني ؛ لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ
اللهًُ لِمَنْ حَمِدَه قَالَ : الَّلهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ ) .

رواه البخاري (795) ومسلم (392) .

وقد بيَّن الحافظ ابن حجر أن استحباب تحميد الإمام مستفاد من هذا
الحديث ومن غيره .

انظر : "فتح الباري" (2/367) .

وأما المأموم :

فقد قال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة بأن
المأموم يقتصر على التحميد فقط ، ولا يقول ( سمع الله لمن حمده ) .

وخالفهم الشافعية والظاهرية ، فقالوا باستحباب التسميع والتحميد
في حق المأموم ، وهو اختيار الألباني في "صفة الصلاة" (135) وللتوسع في أدلتهم انظر
رسالة السيوطي في "الحاوي للفتاوي" (1/35) .

والراجح – والله أعلم - هو قول الجمهور .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "لقاء الباب المفتوح" (1/320) :


" المؤتم إذا قال إمامه سمع الله لمن حمده لا يقول سمع الله لمن
حمده ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما جُعل الإمام لِيُؤتَمَّ به ،
فإذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا قال سمع الله
لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ) .

فقال ( إذا كبر فكبروا ) ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا
ربنا ولك الحمد ) ، ففرَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم بين التكبير وبين التسميع ،
التكبير نقول كما يقول ، والتسميع لا نقول كما يقول ، لأن قوله ( إذا قال : سمع
الله لمن حمده قولوا ربنا ولك الحمد ) بمنزلة قوله : إذا قال سمع الله لمن حمده فلا
تقولوا سمع الله لمن حمده ولكن قولوا ربنا ولك الحمد ، بدليل السياق ، سياق الحديث
الذي قال : ( إذا كبر فكبروا ) ، ومن قال مِن أهل العلم إنه يقول ( سمع الله لمن
حمده ) ويقول ( ربنا ولك الحمد ) فقوله ضعيف ، وليس أحدٌ يقبل قولُه على الإطلاق ،
ولا يُرَدُّ قولُه على الإطلاق ، حتى يُعرض على الكتاب والسنة ، ونحن إذا عرضناه
على السنة وجدنا الأمر كما سمعت " انتهى .

وانظر : "المغني" (1/548) ، "الأم" (1/136) ، "المحلى" (1/35) ، "الموسوعة
الفقهية" (27/93-94)

ويتبين بذلك أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فلا غرابة أن
تكون بعض الملصقات قد قررت ما ذهب إليه بعض أهل العلم .

والله أعلم .



الإسلام سؤال وجواب